المسيحية تنتصر .. بالإضطهاد !
ماجد عزيزة - كندا
ما عاشت المسيحية ولا ازدهرت وانتشرت لولا الإضطهادات التي تعرض لها المسيحيون ، لهذا نجد كلام بولس
الرسول في رسالته الثانية إلى طيموثاوس يقول : وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ. فمنذ القرون الأولى للمسيحية ، بل منذ نشاتها ، أي منذ أن بدأ السيد المسيح تعليمه ، بدأت الإضطهادات ، ولهذا انتشرت بين البشر وراح الناس يؤمنون بتعاليم السيد المسيح منذ ألفي سنة وحتى الآن ، وراحت المسيحية تدخل البيوت والقلوب معا .
فمنذ نشوئها وحتى يومنا هذا ، تعرّضت المسيحية لتحديات كبيرة حاولت أن تعصف بكيانها وتهدم صرحها ، لكن وعد المسيح بأن يبني كنيسته على صخرة الإيمان ، وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. كانت تفسيرا لما سيحدث للمسيحيين كبشر ، وللمسيحية ككيان إيماني .. لهذا فإن كل ما تعرضت له من تعسف وإضطهاد ، ومن مختلف ( القوى) سواء أكانت عسكرية ( رومانية) أو سياسية أو دينية أو إلحادية بائت بالفشل ..لأن هذه القوى هي التي سماها السيد المسيح ب ..( أبواب الجحيم) التي كانت تستهدف شخص المسيح أولا ، ومشروعه الخلاصي ( أي المسيحية ) ثانيا .
فبعد أن شرع السيد المسيح بنشر دعوته الخلاصية ورسالته الإيمانية ، راح الأحبار ورؤساء المجامع يحاولون هدم تعاليمه وكسر شوكته ، حتى وصل الأمر إلى محاكمته باستخدام السلطة الحاكمة ثم صلبه بعد تلقيه الإهانات والتعسف .. لكنه انتصر . ثم بدأ التنكيل بالتلاميذ والرسل ، حيث راحت السلطات الدينية تبذل كل جهدها لإخراس صوت التلاميذ ومنعهم من التبشير باسم معلمهم ، فاضطهدوا وقتلوا .. لكنهم انتصروا .
بعدها حاولت الدولة الرومانية وعملائها ، التنكيل بالمسيحيين ومنعهم من أداء طقوسهم ، فهدمت وأحرقت الكنائس، ثم اضطهدت أتباع الديانة المسيحية حتى وصل الأمر إلى احراقهم ورميهم للوحوش الضارية ، ومسرح ( الكولوزيوم) بايطاليا خير شاهد على صحة ما نقول .. لكن المسيحية انتصرت بعد أن أصبحت الدولة الرومانية مركزا للمسيحية . وتكررذلك في دول عديدة ، خاصة الدول التي حملت ديانات جديدة ، حيث حاولت أن تسحب البساط من تحت أقدام المسيحية وتجهض مسيرتها بشتى الطرق ، في دول أفريقيا الشمالية ، والشرق الأوسط ، لكنها لم تحصد إلا الهواء ، حين صمدت المسيحية بوجه كل التيارات المضادة .. وانتصرت . ثم جاء ( الإلحاد) الذي حاول بطريقة أذكى من التيارات الدينية الأخرى أن يسقط المسيحية ، تارة بالقوة ، وأخرى بالإغراء ، وثالثة بالإضطهاد ، لكنه لم يستطع زعزعة الصخرة التي بناها السيد المسيح ، فانهار الإلحاد ككيان ، وانتصرت المسيحية .
والآن .. فإن ما يتعرض له المسيحيون في العراق ولبنان وبقية دول الشرق الأوسط من أعمال تنكيل واختطاف وقتل وتهجير ، هو عودة لزمن الإضطهادات التي بدأها الإمبراطور نيرون في العام 64 للميلاد ودامت ثلاثة قرون ، لم تنته أو تتوقف إلا لفترات شهدت فيها المسيحية ككل والكنيسة بشكل خاص ، انتعاشا وتقدما ، حتى وصلت من حيث الإنتشار إلى ما هي عليه الآن . ان الحرب على المسيحية ( في الأماكن المذكورة) والتي يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين هي حرب عقائدية لا تستهدف شخص السيد المسيح فحسب ( كما كانت أهداف الإضطهادات الأولى ) بل هي حرب شرسة تستهدف العقل المسيحي باستخدام اسلوب التشكيك بالعقيدة المسيحية ، وصولا لوضع القلق النفسي في عقول البعض من ضعاف النفوس والتي تغرى بالمال او الجاه او المنصب .. اما المتمسكين بايمانهم المسيحي ، المحصنين نفسيا وعقليا وايمانيا ، فالقتل والتهجير واعمال العنف والتعسف هو ما يتلقونه ..
ان الإيمان المسيحي ، راسخ في قلوب ملايين بل مليارات البشر ، وهذا الإيمان راسخ في ثوابت لا يمكن أن تتزحزح .. منها موت المسيح على الصليب وافتدائه للبشر ( جميعا) ، ثم القيامة وهي حقيقة واقعة ، لأن المؤمنين بها ينتظرون مجيء المسيح ثانية .. وهناك سيكون الإنتصار الكبير .