الوجود المسيحي في القدس في خطر.. بقلم: رشيد حسن

لم يكتف المطران العروبي عطاالله حنا بدق جدران الخزان، والتأشير على المخالفات الخطرة التي قارفها ويقارفها المطران ثيوفولس رئيس الكنيسة الأرثوذكسية بخصوص أوقاف الكنيسة، والإساءة للأكليروس العربي، من منطلق عنصري، وإنما حذر في حديثه بمنتدى الدستور الثقافي، من خطورة تفريغ فلسطين من الوجود العربي المسيحي، وهذا ما دأبت عليه السياسة الصهيونية العنصرية، منذ النكبة عام 1948، بمساعدة لندن وواشنطن ودعمها وتأييدهما، وخاصة فيما يتعلق بمنح التسهيلات للأخوة المسيحيين للسفر والهجرة والإقامة، في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وكندا.

هذه السياسة الخطيرة، التي انتهجها العدو الصهيوني وفق رؤية محدودة، ارتفعت وتيرتها بعد احتلال القدس والضفة الغربية وغزة، وتركزت على تفريغ المدينة المقدسة وبيت لحم، من العنصر المسيحي العربي...وازداد هذا النهج الصهيوني العنصري، بعد أحداث أيلول مستغلا الحرب الأميركية ضد الإرهاب الإسلامي، ولا تزال اسرائيل ماضية في سياستها الإحلالية، لتفريغ القدس بالذات من هذا الوجود الضروري، وتركها غنيمة سهلة لشذاذ بروكلين الذين أخذوا يستوطنون بعض الأحياء.

السياسات الصهيونية العدوانية، أدت إلى تراجع نسبة الوجود المسيحي العربي من 20 - 25% عام 1948 إلى 0,02% كما يقول عطا الله، وهذا في حد ذاته يؤشر وكما أشرنا إلى نجاح الخطة الصهيونية العنصرية، معتمدة أساليب وخطط كثيرة، تتراوح ما بين المذابح الممنهجة وحرب الإبادة والحصار والتجويع المستمر، إلى الإيعاز للبعثات الدبلوماسية الأميركية والغربية، بتقديم التسهيلات اللازمة للهجرة إلى الغرب، وهذا ما حصل وما يحصل الآن بعد أن سيطر اليأس والإحباط على الأمة كلها.

حديث المطران عطاالله كشف أيضا عن تقصير الكنائس، في فضح وتعرية السياسة الصهيونية، والمخططات الإسرائيلية، لتفريغ القدس من الوجود العربي وبالذات المسيحي، وتقصير السلطة الفلسطينية، التي غرقت في أوهام السلام الكاذبة، وأغمضت عينيها عن خطط العدو الخبيثة في إبعاد الشباب المسيحي، معتمدا سياسة الجزرة والعصا، وأخيرا التقصير والقصور الإعلامي الفلسطيني والعربي في كشف أبعاد هذه الجريمة وخطورتها والنتائج والتداعيات الخطرة التي تترتب عليها، ومفارقة غياب الصحافة والإعلام الغربي، وبالذات الأميركي والمتواجد بكثافة في إسرائيل والأرض المحتلة، وبالذات في القدس، مما يبدو أنه متعمد، خاصة إذا عرفنا مدى الاختراق الصهيوني لهذا الإعلام.

مواقف وتصريحات المطران عطا الله علاوة على أنها ذكرتنا بمواقف المطران المناضل كبوتشي، فإنها بمثابة الإنذار لهذه الأمة وإلى الشعب الفلسطيني، من مخاطر التشظي، وسيادة خطاب الاتهامية والتخوين، فيما العدو ماض في تهويد القدس والأقصى، وتفريغ المدينة المقدسة من الوجود العربي بشقيه الإسلامي والمسيحي.
الرد على مخططات العدو الإجرامية يستدعي فعلا وقولا ولغة جديدة مفرداتها ليست في قاموس السلطة.

ولا حول ولا قوة إلا بالله.