الدين لله وللإنسان

موضوع: الدين لله وللإنسان 2007-08-22, 11:23

الدين لله وللإنسان
خالد القشطيني

لفت نظري هذا الخبر الموجز من قبرص، الذي نشرته الصحف البريطانية. كلا لم يتعلق باختطاف أحد ولا اغتصاب

خالد القشطيني

واحدة ولا التقتيل الانتحاري مما تعودنا عليه في هذه الأيام. يقول التقرير الوارد من مدينة نيقوسيا ان رئيس اساقفة الكنيسة الارثوذكسية في البلاد، كريسوسستومس الثاني لاحظ ازمة الوقود التي تعاني منها قبرص، التي لم تنعم بما نعمت به بقية دول الشرق الاوسط، اعني بذلك طبعا النفط. قرر نيافته تعبئة الكنيسة لتتولى سد هذا النقص.
اذا كان الله تعالى قد حرم تلك الجزيرة من ثروة النفط فقد تفضل عليها بنور الشمس الدائمة التي جعلتها قبلة للسياحة. بعد التشاور مع العلماء والتكنوقراط القبارصة، قررت الكنيسة توظيف مبلغ 115 مليون جنيه استرليني لإقامة معمل ينتج الألواح الشمسية التي تحول اشعة الشمس الى قوة كهربائية حيثما لزمت الحاجة اليها. والطريف في العملية انها تعطي المواطن استقلالا ذاتيا في منأى عن شركات الكهرباء واستغلالها. ما عليه غير ان يشتري هذه الألواح ويتولى نصبها في اتجاه الشمس ويربطها بأسلاك الدورة الكهربائية المطلوبة لبيته. صرح رئيس الاساقفة بان ما سيتوفر من ارباح من هذا العمل سيستثمر في دعم الخدمات الاجتماعية للبلاد وسد حاجيات الكنيسة.
تم الاعلان عن هذا المشروع بعد ان تعرض الجمهور القبرصي في هذا الصيف الى انقطاعات كثيرة في القوة الكهربائية نتيجة زيادة الطلب عليها في موسم الاصطياف.
ما الذي حدا بي للكتابة عن هذا الموضوع؟ المعروف ان الكثير من الدول العربية اصبحت تتعرض لهذه المشكلة، وهي مشكلة انقطاع الطاقة الكهربائية. اشير في ذلك بصورة خاصة الى العراق الذي لم يعد بإمكان مواطنيه الاستمتاع بالكهرباء لأكثر من سويعات قليلة في اليوم، صيفا او شتاء. كل ذلك في الوقت الذي تحتشد فيه شوارع المدن الدينية بالمتعبدين واللاطمين وكل من هناك من زوار العتبات المقدسة. وكل هذا من دونما حاجة بي للإشارة الى سائر افواج المنظمات الارهابية التي تنشط وتقتل وتخطف وتعذب باسم الدين.
ألم يشر الدين الاسلامي الى العمل الصالح؟ لم لا يفكرون بالقيام بأي شيء ايجابي في خدمة المجتمع كما فعلت الكنيسة الارثوذكسية في قبرص؟ يناصب هؤلاء الارهابيون الغرب المسيحي العداء ويتهمونه بالصليبية. لم لا يتعلمون هذه الدروس منهم؟ «العون المسيحي» Christian Aid من اكبر المنظمات الخيرية التي تقدم المساعدات للشعوب المنكوبة في شتى جهات العالم، بما فيها الشعوب الاسلامية. هل اصبح الايمان بالنسبة لنا مجرد التقتيل والتنكيل؟ أهذه هي «الخلافة» التي يزعمون العزم على أقامتها وفرضها على العالم؟
انني لست واحدا من التكنوقراط. ولكنني اطرح هذا السؤال.